إدارة الجودة الشاملة

الخميس، 21 أبريل 2011

إدارة الجودة الشاملة

إدارة الجودة الشاملة
7 مارس , 2009

logo-tqm-new
مقدمة عن مفهوم الجودة
على الرغم من تضارب الآراء حول تاريخ الجودة ونشأتها، يتفق جميع المعنيون بها على فائدتها على المدى القصير والطويل في حياة المؤسسات الربحية وغير الربحية، متى ما تم تطبيقها وفق رؤية مؤسسية واضحة، وثقافة داعمة لهذه الرؤية، وتطبيق لا يحيد جوهر تلك الرؤية الواضحة. فمنذ عقود خلت، ساهمت الحضارات الإنسانية في تحسين جودة حياة المجتمع والأفراد على حد سواء. وقد كانت هذه الاسهامات عبارة عن عمليات مستميته في التدقيق على حسن أداء الأعمال التقليدية اليومية من زراعة ورعي وري بالإضافة إلى العناية بالأعمال المنزلية. وقد قادت هذه الجهود إلى تطوير مستمر عبر العقود والأجيال تناقلته الحضارات حضارة تلو الأخرى إلى هذا اليوم، والأيام الآتية من عمر البشرية. وعلى الرغم من عدم وجود مصطلح الجودة، أو الجودة الشاملة سابقاً، ألا أن هناك أمثلة حية على تطبيق مبادئ الجودة في عدة مجالات.

فعلى سبيل المثال، لوحظ وجود مستوى مثير للإعجاب في طريقة قطع وتركيب أحجار الأهرامات المصرية، بالإضافة إلى الدقة العالية في مجانبة الصخور لبعضها رغم ضخامتها. أي أن مراحل بناء الأهرامات تمتعت بمستوى عال من القياس والمراجعة والمتابعة وهو ما يعرف في مجال الجودة بضمان الجودة (Quality (Assurance. ومما يجدر ذكره أن طريقة قطع صخور الأهرامات المصرية لا يمكن تطبيقها الآن مع تطور أجهزة وأدوات القطع الميكانيكية والهيدروليكية. ومع تنامي المسيرة البشرية وتنوع الحضارات، برزت أمثلة كثيرة على حسن تصنيع الأدوات المساعدة في الأنشطة اليومية، والأنشطة العلمية، والحروب وغيرها.
ومع مطلع القرن الماضي، قدم فريدريك تايلور (أب علم لإدارة) نظريته الجديدة في الإنتاج والقائمة على فصل عملية التخطيط عن عملية التنفيذ بحيث يكون هناك فريق مختص بالتركيز على عملية التخطيط (وهم المهندسون والاختصاصيون) وعلى الطرف الآخر فريق مختص بالتركيز على التنفيذ (وهم المشرفون والفنيون والعمال). وقد استمرت هذه الطريقة إلى وقت متأخر من القرن الماضي، بعدها بدأت تدب نقاط الضعف فيها. وذلك لضعف التواصل بين المجموعتين، ولابتعاد المخططين عن الواقع الميداني. مما أدى إلى ظهور قسم مختص بالتحكم بالجودة. مما أدى إلى سلبية كبيرة وهي فصل عملية ضمان الجودة عن بقية أنشطة الشركة، أي أن الجودة أصبحت مسؤولية إدارة الجودة فقط. وبالتالي لم يبالي المهندسون والعمال وكبار المدراء بجودة المنتج طالما أن هناك إدارة خاصة تتابع هذا الأمر. طبعاً وصلت جهود ضمان الجودة إلى طريق مسدود لأن وجود إدارات منفصلة للجودة لم يحل مشكلة القطع المعطوبة وتكرار بعض الأخطاء المصنعية.

Frederick Winslow Taylor

ومن بعد هذه التجربة، أخذت الجودة طريقها نحو بعض المختصين ورواد الأعمال في تلك الفترة، وعلى رأسهم هنري فورد الذي أسس نظام “التطبيقات الشاملة للجودة” مستفيداً من تجربة اليابانيين في هذا المجال. وتبعتها شركة “بل سيستيمز Bell Systems” وبرز من هذه التجربة مجموعة من رواد منهج ضمان الجودة وهم والتر شويهارت، هارولد دودج، جورج إدوارد وكان من ضمن هذه المجموعة ويليام إدوارد ديمينج. وعلى يد هذه المجموعة، تم تعريف بعض مصطلحات الجودة، وإبراز أهميتها، وحل المشاكل التي تعيق تطبيقها.
وفي أعقاب الحرب العالمية الثانية قدم كل من وليام ديمينج و جوزيف جوران طريقة التحكم بالجودة عن طريق الإحصائيات. وقد تم تقديم هذه الفكرة لليابانيين أثناء محاولتهم أعادة الإعمار بعد الحرب. وفي تلك الفترة قام كل منهما بالتركيز على تعليم الإدارات العليا وليس فقط مختصي الجودو أو المراقبين فقط. التقت توجهات كل من ديمينج وجوران مع عقلية اليابانيين الساعية دوماً إلى التطوير المستمر (وهو ما يطلقون عليه كايزين KAIZEN ). وكان إنجازاً ملفتاً أن تمت إقامة جائزة ديمينج سنة 1951 بتنسيق من الاتحاد الياباني للعلوم والهندسة JUSE. أنشأت هذه الجائزة لتكريم الأفراد والشركات الذين يلتزمون بشدة بمبادئ الجودة وتحسين العمل. ومع هذه المسيرة الثابته والفعالة، وخلال عشرون عاماً، استطاعت اليابان اكتساح السوق الأوروبي بمنتجاتها التي نافست بشدة المنتجات الأوروبية وسبقتها من حيث الجودة، وجعلت لليابان سمعة معروفة عالمية تتميز بالجودة والسعر المناسب.
William Edwards Deming

William Edwards Deming

مع طغيان المنتجات اليابانية، بدأت الشركات الأمريكية بتحدي ذلك الواقع، فمن الخارج كان هناك المنتج الياباني عالي الجودة ومن الداخل الزبون الأمريكي الذي أصبح شديد التركيز على الجودة وقادراً على خلق المقارنات بين المنتجات المختلفة، وقد ساعده على ذلك إنشاء مجلات متخصصة في مقارنة المنتجات مثل “Consumer report”. وعلى الصعيد العالمي انتعش سوق الجودة ومفاهيمها ليطغى على علم الإدارة الحديثة، ففي عام 1984 قامت الحكومة الأمريكية بتسمية شهر أكتوبر “الشهر الوطني للجودة”. وفي 1985 أعلنت ناسا عن جائزة التميز والإنتاجية. وفي عام 1987 تم الإعلان عن جائزة مالكوم بلدريج للجودة، والتي أصبحت من أشد الجوائز تأثيراً في الولايات المتحدة الأمريكية. حيث غيرت من مفاهيم الشركات الكبرى مثل كرايسلر وجينيرال موترز وفورد وغيرهم وبدأ العمل الجاد لتضييق الهوة بين المنتجات الأمريكية واليابانية، وهو ما انعكس بشكل إيجابي حول العالم، حيث قامت المؤسسات الخدمية مثل المستشفيات، والمدارس والجمعيات الخيرية في الولايات المتحدة وخارجها بتبني مفاهيم الجودة. كما تم تاليف العديد من الكتب وتنظيم الدورات التدريبية الخاصة بالجودة وضمان الجودة. وما زالت الجهود مستمرة للمزيد من التميز والتطوير المستمر.

أهمية مفاهيم الجودة
اكتسبت مفاهيم الجودة أهميتها الحالية بسبب التحديات المعاصرة التي تعيشها بيئة الأعمال. ومن بين هذه التحديات ارتفاع رتم التواصل العالمي عن طريق الإنترنت وبروز مفاهيم التجارة العالمية وما يرافقها من انتقال لرؤوس الأموال عالمياً والمعرفة وأسلوب الحياة وهو ما يمكن أن نختصره بمفهوم العولمة. هذه المتغيرات وضعت الشركات ورواد الأعمال في وضع تنافسي قوي. أي ان التحدي الذي تواجهه المؤسسات هو كيفية المنافسة والفوز بعدد أكبر من العملاء وبالتالي ارتفاع الأرباح وضمان الاستمرارية. إلا أن هذه المهمة ليست سهلة على الاطلاق لأن العملاء والزبائن بشكل عام أصبحوا أكثر وعياً وبالتالي ليس من السهل إرضاؤهم بتقديم منتجات قليلة الجودة، حيث أن مستوى توقعاتهم لجودة الخدمات سيكون على مستوى عال. ونفس الشيء ينطبق على التكنولوجيا المستخدمة في التصنيع والتوزيع حيث أنها أصبحت في متناول الجميع من حيث الحصول على المعلومات اللازمة لإتمام العمل. فعلى سبيل المثال عند انطلاق خدمات الهاتف الجوال كان العملاء يتوقعون من شركات الاتصالات أن تزودهم بخدمة الاتصال فقط. أي المحادثات العادية فقط. ومع مرور الوقت ازداد توقع العملاء لاستخدام الرسائل النصية، ثم رسائل الوسائط والاتصال المرئي وخدمات الجيل الثالث ودمج كم هائل من الخدمات في جهاز واحد ومازالت تطلعات العملاء في ازدياد. هذا التطور في النظرة إلى الهاتف الجوال جاء كنتيجة لتطور التكنولوجيا وارتفاع مستوى الجمهور بها.

مفهوم إدارة الجودة الشاملة
تعتبر إدارة الجودة الشاملة منهجاً إدارياً يساعد المؤسسات على وضع الخطط، وطرق العمل، وتقنيات العمل في موضع تكامل بحيث تتمكن المؤسسة ككل من تقديم أعلى مستوى ممكن من جودة المنتجات و الخدمات على حد سواء. وهي مفهوم متنوع يمكن تطبيقه على كافة مستويات المؤسسات وعلى جميع أنواع المؤسسات التي تبحث عن تحسين منتجاتها أو خدماتها. وفي الواقع هي عملية مستمرة من التركيز على القيادة، وتفعيل دور الموظفين، وتحسين العمليات، وإدارة النظام العام في المؤسسات، واستخلاص المعلومات التي تدعم اتخاذ القرارات الاستراتيجية. وبسبب هذه الأهمية لإدارة الجودة الشاملة، أصبح من الضروري وضع معايير علمية حتى يستفيد منها عدد أكبر من المؤسسات والأفراد. لذلك ظهرت مجموعة من هياكل العمل المرتكزة على إدارة الجودة الشاملة. وبنيت عليها شهادات الجودة المعروفة بالإضافة إلى جوائز الجودة العالمية، ومن الأمثلة على ذلك:
1- جائزة مالكولم بلدريج (الجائزة الوطنية للجودة) في الولايات المتحدة.
2- جائزة ديمينج في اليابان.
3- النموذج الأوروبي لإدارة الجودة EFQM.
4- الجائزة الوطنية للجودة (كندا)
5- الجائزة الاسترالية لتميز الأعمال.
6- شهادات الآيزو.
7- سيكس سيجما.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق